https://yala.moddecoration.com/p/match-mali-vs-zambie.html
أسس برنامج الدخول السريع إلى كندا
يمثّل «الدخول السريع» إلى كندا – أو ما يُعرف رسميًّا بنظام Express Entry – البوّابة الأهمّ لهجرة العمالة الماهرة في القرن الحادي والعشرين؛ إذ صُمِّم عام ٢٠١٥ ليكون بديلًا أسرع وأكثر شفافيّة من برامج النقاط التقليديّة التي ظلّت لعقود خليطًا من الإجراءات الورقيّة البطيئة والتقييمات المتباينة من مقاطعة إلى أخرى. يعتمد النظام على خوارزمية تُدعى Comprehensive Ranking System (أو CRS) تمنح المتقدّم نقاطًا دقيقة لعوامل العمر، والتعليم، والخبرة العمليّة، وإجادة اللغة، والتوظيف المسبق، إضافةً إلى إمكانية كسب نقاط تعزيريّة عبر الترشيح الإقليمي (PNP) أو الحصول على عرض عمل معتمد من جهة كنديّة. أهم ما يميّز Express Entry أنّه «تنافسي» لا «استحقاقي»؛ بمعنى أنّك لا تحصل على التأشيرة تلقائيًّا إذا بلغت حدًّا أدنى، بل تدخل في بركة مرشّحين عالمية تستدعي منها الحكومة أعلى الدرجات في سحوبات دورية كل أسبوعين تقريبًا. تَولَّد عن ذلك سباقٌ عالميّ على تحسين الدرجات، فبات المتقدّمون يوجّهون خططهم المهنيّة وتحسين لغتهم الإنجليزية-الفرنسية خصيصًا لنيل بضع نقاط إضافيّة قد تغيّر مصيرهم. ويتبدّى نجاح النظام في كونه أدى إلى تقليص زمن معالجة الطلبات الرسميّة إلى نحو ستة أشهر فقط في معظم الملفات المكتملة؛ وهو وقت قياسي مقارنة بما كانت تستغرقه إجراءات الهجرة الكندية قبل العقد الأخير. ومن ثمّ، لا غرابة في أن تتحوّل كندا إلى مقصد أول للأطباء، والمهندسين، وخبراء تكنولوجيا المعلومات من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لما توفّره من جودة حياة مرتفعة، ونظام رعاية صحية شامل، وتعليم مجاني حتى الثانوية، وإمكانية اكتساب الجنسية خلال ثلاث سنوات من الإقامة الفعلية. بيدَ أنّ الطريق إلى ذلك الحلم يظلّ مفروشًا بالتفاصيل الدقيقة؛ فخطأ بسيط في استيفاء المستندات أو سوء توقيت في رفع الملف قد يضع المتقدّم في موضع أقلّ تنافسيّة رغم امتلاكه مؤهلات ممتازة، وهو ما يستلزم فهمًا عميقًا لآلية جمع النقاط وكيفية توظيفها.
تبدأ الرحلة بخطوة جوهرية: إجراء اختبار لغة معتمد. تُفضِّل الحكومة الكندية اختبار IELTS General Training للإنجليزية أو TEF للفرنسية؛ وكلما ارتفعت درجة المهارات الأربعة – استماع، قراءة، كتابة، محادثة – ارتفعت نقاطك وفق معيار CLB. مثلًا، الحصول على CLB 9 (أي IELTS 7 في الاستماع و٦ في المهارات الأخرى) يضيف ٦٨ نقطة مباشرة للأعزب، في حين يمنح التزاوج الثنائي-اللغوي (إنجليزية + فرنسية) نقاطًا تعزيرية قد تتخطى ٥٠ نقطة. بعد اللغة، يأتي تقييم الشهادات التعليمية (ECA) عبر مؤسسات مثل WES أو IQAS؛ وهو شرط أساسي لمن درس خارج كندا. ثم يجمع المتقدّم شهادات خبرته العمليّة، موضحًا المسمّى الوظيفي وفق تصنيف المهن الكندي NOC في فئات 0 أو 1 أو 2 أو 3. وبعد تحميل الوثائق إلى حساب MyCIC، تُنشَأ «ملف تعريف» (Profile) يحوي كل البيانات ليمنحك النظام درجة CRS أوليّة. فإذا تخطّى مجموعك الحدّ الفاصل المعتاد (يتراوح حاليًّا بين ٤٨٠-٥٠٠ نقطة)، فستحصل على دعوة للتقديم ITA في أقرب سحب. عقب تلقي الدعوة، يبدأ سباق الستين يومًا: يجب رفع جميع المستندات الموثَّقة، ودفع الرسوم (١٣٦٥ دولارًا للفرد)، وإجراء الفحص الطبي، واستخراج شهادة عدم محكومية. يدقّق الضابط المختصّ في صحة المعلومات، وقد يطلب «خطاب توضيح» إذا لاحظ تناقضًا في الخبرة أو التعليم. في المرحلة النهائية يتلقّى المتقدّم رسالة الموافقة COPR، ثم يضع ختم الإقامة الدائمة (PR) على جواز سفره. يجدر التذكير بأن وجود عرض عمل كندي مصدّق من LMIA يمنح حتى ٢٠٠ نقطة إضافية، ما قد يرفع ملفًا متوسطًا ليصبح ضمن أوائل المدعوّين؛ غير أن الحصول على هذا العرض ليس بالسهولة المتخيَّلة ويستلزم صاحب عمل يثبت عجزه عن توظيف مقيم دائم أو مواطن. لذلك يلتف كثيرون نحو برامج المقاطعات (PNP) التي تمنح ٦٠٠ نقطة إضافية بضربة واحدة، شرط تلبية متطلّبات سوق العمل المحلي في تلك المقاطعة.
بعد تجاوز عنق الزجاجة ونيل الإقامة، يبدأ تحدٍّ مختلف: الاندماج في سوق العمل الكندي، وهو سوق تنافسي يعتمد كثيرًا على الخبرة «المحلية» وشبكات العلاقات. النصيحة الذهبية هنا هي الانخراط المبكّر في برامج Mentorship التي توفّرها منظمات مثل ACCES Employment؛ حيث تتعرّف إلى مديرين كنديين يساعدونك في فهم ثقافة المقابلات وصياغة السيرة الذاتية بصيغة «الإنجازات» لا «المهام». كما أن توثيق شهادات المهنة (Licensing) ضروري للأطباء والمهندسين والمحاسبين؛ إذ قد تمتد إجراءات الانضمام إلى النقابات عامًا كاملًا. أمّا من الناحية الاجتماعية، فصدمات المناخ واللغة والحنين أمر شائع بين القادمين الجدد، لذا تنصح وزارة الهجرة بالتسجيل في مراكز LINC لتقوية اللغة مجانًا، والانضمام إلى الأنشطة المجتمعية، وفتح حساب بنكي يقدّم «حزمة الوافد الجديد» بإعفاءات من الرسوم. لا تغفل كذلك عن الضريبة؛ فبمجرد إقامتك ١٨٣ يومًا تصبح دخلًا عالميًّا خاضعًا للـCRA، ما يستدعي حفظ إيصالات النفقات القابلة للخصم مثل مصاريف الانتقال الأولى. ومن التحديات المتكرّرة اختلال التوازن بين العمل والحياة بسبب ضغط بدء المسيرة المهنية من جديد؛ وهنا يُنصح بتوزيع وقتك بين دورات التطوير وعلاقاتك العائلية لتجنّب الإرهاق النفسي. في المقابل، يوفر النظام الكندي مزايا طويلة الأجل: تعليم مجاني حتى الثانوية، وطريقًا واضحًا إلى الجنسية خلال ثلاث سنوات من الحضور الفعلي، واستحقاق برنامج التقاعد الكندي CPP بعد عشر سنوات عمل. على هذا الأساس، يُعدّ Express Entry استثمارًا استراتيجيًّا في مستقبل الفرد والأسرة إذا تمّ التخطيط له على نحو سليم؛ إذ يدمج بين سرعة الإجراء ووضوح المعايير وعمق الفرص الاجتماعية-الاقتصادية التي تنتظر المهاجر بعد الوصول.

